في خطاب له حول حركة مناهضة الاستعمار في غينيا بيساو وكابو فريدي (الرأس الأخضر)، وقوامها وموجهاتها، عرج كابرال على نقطة مهمة جدا، توضح البُعد الإنساني/الكوكبي لفلسفات حركات التحرر الوطني الافريقية والحركة الافروعمومية، خاصة نظرتها تجاه العدو الاستعماري/الامبريالي؛ فبينما يكاد يتعامل مجمل الناس ليوم – بسبب غياب المعلومات أو ضعف التحقق – مع تاريخ حركات التحرر الوطنية، والحركة الافروعمومية، على أنها كانت ذات أجندة محلية/قومية ضيقة (وأحيانا يقول لك البعض إنها كانت أجندة “إثنية”، بدون أن يكلفوا أنفسهم عناء التحقق من افتراضات كهذه)، كانت تلك الحركات في واقعها ذات أفق إنساني/كوكبي متجاوز فكريا لظروفها التاريخية ولسقف التوقعات السطحية منها (ولا غرو، فذلك ديدن تلك الحركات في نسبها التاريخي منذ ثورة هايتي، قبل ثلاثة قرون). أي كما قال كابرال، في مؤتمر جامع في دار السلام، 1965، ‘في افريقيا نحن بصدد سياسات تهدف أولا لحماية الشعوب الافريقية ومصالحهم، في كل بلد افريقي، لكننا كذلك بصدد سياسات لا تنسى، في أي وقت، مصالح العالم، أي كافة البشرية.’
ومن تأكيد ذلك ما جاء في خطابه في مؤتمر الخرطوم،* في رسالة موجهة الى شعب البرتغال:
نحن نعلم – وهنا أتحدث كصاحب خلفية فنية [إذ كان كابرال مهندسا زراعيا، بخبرة عمل في اوروبا وافريقيا] – أن البرتغال [السلطة الاستعمارية التي نحاربها] لديها القدرات لتوفير حياة كريمة لجميع أبنائها. نقصد بذلك أبناءها في بلدهم هناك، حيث ينبغي للبرتغاليين أن يبنوا جهودهم وتضحياتهم ويدافعوا عنها؛ وفي لحظة مستقبلية معيّنة سنتعاون معهم نحن شعوب غينيا وكابو فيردي، وسوف نصل أيدينا بأيديهم في إخاء، وفق منطق التاريخ، وأسس الصداقة، وكل الروابط التي توحّدنا.**
——–
*أقيم مؤتمر الخرطوم، المشار إليه، في ١٨-٢٠ يناير ١٩٦٩، في سبيل نصرة حركات التحرر الوطني الافريقية في المستعمرات البرتغالية وفي افريقيا الجنوبية، بتنسيق من منظمة تضامن شعوب افريقيا وآسيا (AAPSO)، وهي ذات صلة مع حركة عدم الا الانحياز (NAM). أما نص خطاب كابرال فقد نُشِر في العدد 12 من مجلة “ترايكونتيننتال” (Tricontinental) التي تصدر في كوبا، والتي بدأت بمؤتمر القارات الثلاث لمناهضة الاستعمار، في هافانا 1966–نفس المؤتمر الذي قدّم فيه كابرال ورقته المعروفة “سلاح النظرية”.
**https://www.marxists.org/subject/africa/cabral/1969/mpp.htm