ورقة علمية، تخصصية، في التاريخ والتكنولوجيا (وفلسفة العلوم)، نُشِرت مؤخرا (يونيو 2023)، وأحدثت ضجة نادرة في عالم الأوراق العلمية في هذا المجال (وهو مجال لا يحظى عادة بالكثير من الاهتمام والمتابعة خارج دوائرة الأكاديمية والمهتمة المحدودة). خلاصة الورقة، التي قدمتها الباحثة جيني بولسترود، أن إحدى براءات الاختراع المسجلة تاريخيا، من القرن الثامن عشر، والمهمة في تاريخ تطور الثورة الصناعية بأوروبا، تعود أصولها الموثقة ليس إلى الشخص الانكليزي الذي قام بتسجيلها لصالحه (واسمه هنري كورت، وهو صاحب أعمال ونواقل وأعمال تعدين) وإنما تعود إلى ما شاهده و”استقاه” من المهارة والخبرة المستقّلة في العِدانة metallurgy لعمّال الحديد السود في جامايكا (حيث مارس كورت بعض أعماله)، الذين كان جملتهم من المسترقين من غرب ووسط افريقيا، حيث تشير المؤشرات الآن إلى أن تلك العملية “الاختراع” في التعدين تُنسب في الأصل إلى هنالك [وصلة الورقة، وملخص لها، في آخر هذه المقالة]. … More
مدونة
مدونة سرادق
الدولة العصرية والسودان: ‘لا بريدك ولا بحمل بلاك’
الذين عاشوا ويعيشون في السودان، في العصر الحالي، يجلسون في المقعد الأمامي في مشاهدة سيناريو فشل الدولة وانهيارها، كأحد السيناريوهات الواردة مع حالة أي دولة في هذا العصر–أي أن استقرار الدولة واستيفائها للحد الأدنى من شروط الكفاءة ليس أمرا مضمونا لأي دولة، فأي دولة مهددة بالانهيار في فترة وجيزة إذا عجزت عناصرها عن الاستمرار، لأي سبب من الأسباب؛ وهذا إجمالا وضع أي بناء حضاري بناه البشر في تاريخهم المكتوب، فأي حضارة دامت لفترة، طالت أم قصُرت، مرت بامتحانات ومحكّات، فإما تجاوزتها وإما فشلت ثم انهارت (وعادة بسرعة أكبر من الوقت الذي احتاجته لكي تبني نفسها وتصل لقمة سطوتها)؛ وفي النهاية، لا يوفّر لنا التاريخ أي نموذج لأي بناء حضاري استمر بدون أن ينهار يوما ما.… More
شرح أسس الاقتصاد للناس – سلسلة محاضرات
من ما يُنصّح به بشدة، لجميع المهتمين بالحيازة على معرفة عامة بقضايا الاقتصاد المعاصر (النظريات العامة المؤثّرة، والمفاهيم المفتاحية، والقضايا الكبرى، والأنماط التاريخية المهمة، ونقاط النقد الأساسية للممارسات والمدارس السائدة): المشاهدة الهادئة لسلسلة المحاضرات “الاقتصاد للناس” (أو شرح أسس الاقتصاد للناس) التي نظمها معهد التفكير الاقتصادي الجديد (INET) وقدمها ها-جون شانق – أستاذ الاقتصاد المعروف بجامعة كيمبردج، وصاحب المساهمات الكبيرة في الاقتصاد المؤسسي والاقتصاد السياسي للتنمية* – في ديسمبر 2019.… More
بين المثقف العام والمؤثر
عدد بسيط من الشباب – ذكورا وإناثا – الذين أتابع كتاباتهم وأقوالهم ومداخلاتهم في منصة فيسبوك ومجمل “منصات التواصل الاجتماعي” أو السوشلميديا (كمكان حصري لكتاباتهم ومداخلاتهم)، أعتبر تفكيرهم مرتّبا ولغتهم سلسة في التعبير عن المسائل التي فيها تعقيد؛ وعندهم أدوات المفكّر فعلا. هؤلاء من الذين أنتظر منهم أن يكتبوا كتابة مرتبة أو عروضا مرتّبة يوما ما – أوراق، كتب، مقالات/تدوينات، محاضرات مرتّبة في موضوعها، لقاءات أو وثائقيات، الخ – بمعنى توقي لأن أراهم يقدمون أفكارهم وخلاصة اطلاعهم بصورة أقرب لتوثيق وتأطير المعرفة وأبعد من الشفاهة العابرة أو محتوى السوشلميديا فحسب.… More
معنى السياسة
السياسة لغةً تعني تدبير وتصريف أمور الناس، وذلك وفق رعاية مصالحهم. أمّا ممارسةً فهي في واقعنا المعاصر يُفهَم أنها تشير إلى ممارسات ممنهجة واستراتيجية وفق قيم وأهداف، ووفق موازنات لمطامح وقوى متداخلة وذات مشروعية، على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. وفق ذلك فأن يسوس المرء أمور الناس تعني أن يدبّرها ويصرّفها وفق منهجية ووفق رؤية تضع مصالحهم نصب العين؛ فالبداية تكون في التعاطف مع أولئك الناس والانحياز لهم، كمنطلق للسياسة، ثم تأتي الممارسة المنهجية والاستراتيجية لتحقق قيمة ذلك التعاطف والانحياز.… More
الحداثة المفتوحة كوسيلة للتقدم
كلما اقتربتُ أكثر من دوائر الجدل الكبير الجاري بين ناس ‘الحداثة’ وناس ‘ما بعد الحداثة’، في مجتمعاتنا في الجنوب، تقلقني بديهة أن مجتمعاتنا تلك لا تملك مفاتيح أي منهما، ولا تملك شروط ‘التحديث’ التي تهيء لنا أن نتعامل مع أسئلة هذا الجدل إلا كظلال للشمال–وأنا متأكد أن هذه البديهة تشغل الكثيرين من المنخرطين في هذا الجدل، لكن ربما نحتاج للمزيد من الاشتغال بها حتى نبتكر طرقا مختلفة للتفكير في جملة هذا الأمر.… More
حول دور المنظمات غير الحكومية الدولية وشريكاتها المحلية
التكنولوجيا ومفترق الطرق: حالة الذكاء الاصطناعي
أحيانا يكون القلق نتيجة لقلة المعرفة أو الإلمام بالمسألة مصدر القلق، (باختصار، الجهل يمكن أن يولّد الخوف). لذلك نجد أحيانا أن جمهور الناس ربما يكونوا في حالة خوف من مسألة ما بينما الخبراء في تلك المسألة أقل قلقا وخوفا–على سبيل المثال، نجد أن قلق الجمهور تجاه الطاقة النووية – وربطها تلقائيا بالكوارث – يقابله مستوى مختلف من خبراء الطاقة، إذ في جملتهم يرون في الطاقة النووية وأبحاث الطاقة النووية البديل المرشّح الأكبر لطاقة الأحفوريات (البترول والفحم والغاز الطبيعي) بالنسبة للحضارة الكوكبية المدمنة على الطاقة ويزيد إدمانها عليها كل يوم–فكأن المسألة هنا مقلوبة: الخبراء أكثر قلقا بخصوص عواقب ومستقبل الطاقة الأحفورية، وأكثر تفاؤلا بمستقبل الطاقة النووية (بشقيها–الانفلاق والاندماج) إذ أن إلمام الخبراء بتطور التكنولوجيا واحتواء التفاعل، وتزايد الحاجة لمصادر طاقة أكثر توفّرا وأعلى إنتاجا، يجعلهم في جانب مختلف من الجماهير المتأثرة جدا حتى اليوم بالإشارات العامة – التاريخية – التي تنطلق في أذهانهم عند ذكر الطاقة النووية (ويزيد الإعلام الجماهيري من ترويج تلك الإشارات)، وهي إشارات في مجملها متعلّقة بقرار استعمال التكنولوجيا وليس التكنولوجيا نفسها (كما سنرى المزيد أدناه).… More