مفاكرة: الحوكمة وصنع السياسات

“استضافت مجموعة أجندة مفتوحة، مساء الجمعة الماضي (6 مارس 2020)، بلندن، المملكة المتحدة، قصي همرور في مفاكرة حول الحوكمة وصنع السياسات (تقديم مروة جبريل) حيث ابتدر قصي الفعالية بورقة قيّمة حول الموضوع. عقب ذلك دار حوار ونقاش مستفيض بين الضيف والحضور.”

يمكن أن نقول إن صنعة الدولة (statecraft) هي التي تستحق أن تسود المجال السياسي، وأن تعامل كعلم. [والعلم هنا معناه: مجال مبوّب ومدروس، بحيث يشتمل على مجموعة معارف ومهارات لديها معايير متوافق عليها بين المشتغلين في المجال، وبحيث أن من ليس لديه إدراك كافي لتلك المعارف والمهارات، وفق المعايير، لا ينتسب للمجال].… More

عن العدالة الترميمية (والسودان)

(مستعاد من مقالة نُشرت في 13 يونيو 2020، في الوسائط)

العدالة الترميمية = restorative justive

كمفهوم وكممارسة، ليس جديدا (بل تاريخي وسابق للعصور الحديثة)، ولا مانع من نقاشه، ففي مستوى النقاش يمكن تداول كل الاقتراحات. والمهم في عملية العدالة الترميمية هو أن الضحايا لهم دور فاعل في العملية كلها، فهي إذن لا تحصل بدون انخراط الضحايا بفعالية فيه، وبدون تحمّل الجناة مسؤوليتهم عن الجرم والاعتراف بالأضرار التي لحقت بالضحايا جراءه، ثم مناقشة كيفية تكفير الجناة عن جرائمهم بما يساعد في تعافي الضحايا وبما يضمن اضمحلال فرص تكرار للجرائم.… More

روابط الدولة والسياسة والدين: بعض المفاهيم

 

الدولة والسياسة ليستا نفس الشيء.
ولذلك فعبارة “فصل الدين عن الدولة” ليست هي نفسها “فصل الدين عن السياسة”.

الدولة هيكل ومؤسسات؛ اقصد الدولة العصرية. أما الأديان، باعتبارها نُظما إيمانية بمرجعيات غيبية وسلوكيات طوعية (وهذا تعريف ناقص) فليست نماذج دولة عصرية، بطبيعة الحال، لكن بطبيعة الحال أيضا هنالك تداخلات في المجالات بينهما ويعزى ذلك عموما لاشتراكهما في دائرة أخرى مهمة جدا وواسعة جدا: المجتمع.… More

حول العلاقة الثلاثية: الدين والدولة والسياسة

[بلغة الكلام في السودان]

ما بننكر انه المسألة – مسألة العلاقة الثلاثية، بين الدين والدولة والسياسة، في العصر الحديث – فيها جوانب معقدة، والإجابات فيها موش جاهزة خالص، ولا بالضرورة بديهية؛ لكن في موجّهات تفكير مفروض تكون راسخة في أرضها، بحكم التاريخ والإطار العام لتطورات الأوضاع الحاكمة زمننا.

بمجرد ما بنتكلم عن ‘دولة عصرية’ (اي تستوفي النموذج المعاصر للدولة حسب المفاهيم والعقود المتواضع عليها عالميا) فده بيعني انها دولة مواطنة جغرافية-سياسية (جيوسياسية) بالمعنى الصريح، يعني حدودها وصلاحياتها وقوانينها بتتشكل عبر قرارات مواطنيها وتفاعلاتهم في الرقعة الجغرافية ذات السيادة، مع استيفاء شروط تاريخية متعارف عليها في الواقع الدولي، الأمر الذي يجعلها دولة غير لاهوتية وأيضا غير عشائرية، وغير ذات حكم مطلق على الرعايا، بالضرورة؛ وده بيختلف اختلاف جوهري عن معظم نماذج “الدول” أو الممالك التي توفرت في التاريخ القديم.… More

مشكلة الأغلبية في الديمقراطية

(1)
منذ بداية تأسيسها، في أواخر القرن الثامن عشر، كانت الولايات المتحدة “ديمقراطية”، ووفقا لذلك وضعت أسسا للاختيار الحر للحكومة، واستقلال القضاء، وفصل السلطات، والحقوق الأساسية للمواطنين.

وبطبيعة الحال، كان ذلك يتضمن أن أغلبية المواطنين هي التي تنتخب الحاكم وممثّليها في السلطة التشريعية. لكن، هنالك تفاصيل مهمة. حسب التقاليد المعمول بها عن الديمقراطية (منذ بداياتها الاغريقية) كان تعريف المواطن يقتصر على الرجل، الحر، البالغ، دافع الضرائب.… More

دكتاتورية الأغلبية: استعراض ومآلات

الأغلبية تستطيع أن تمارس الدكتاتورية، وهذا أمرٌ لم يكن غائبا منذ التجارب الأولى للديمقراطية الحديثة، ولذلك استعمل ماركس عبارة “دكتاتورية البروليتاريا”، فرغم أن البروليتاريا أغلبية – وأهل حق واضح بالنسبة لماركس، وبالنسبة لنا كذلك – إلا أنهم يمكنهم أن يمارسوا الدكتاتورية. والعبرة هنا ليست رفد ماركس للمصطلح والتبشير به (في سياقات معيّنة) وإنما أن ذلك ممكن–دكتاتورية الأغلبية ممكنة. وفي الأدب السياسي الغربي، غير الماركسي، هنالك اصطلاح آخر لنفس الظاهرة: شمولية الأغلبية
(tyranny of the majority)

(والدكتاتورية تعني، في ترجمتها الأفصح والأكثر تفصيلا، شمولية سلطة القرار بالإملاء والإلزام (to dictate)، أي أن تكون السلطة المطلقة لاتخاذ القرار وتنفيذه بيد جهة معيّنة وينطبق على البقية معها مهما كان محتواه – في حين الديمقراطية تعني دوما أن لا سلطة قرارات مطلقة لأي جهة وإنما دوما مقيدة بقيم وقواعد ومؤسسات معروفة).… More

مثقفو القضايا الخاسرة

حفّزني لهذا المكتوب أمران، أحدهما تعليق من عماد الدين عيدروس، كتبه مؤخرا في صفحته في فيسبوك، حيث قال، “حفظ الفلسفات لا يجعلك يساري فالشرط الانساني المسبق هو الحساسية ضد الاستغلال والقهر والوقوف مع المضطهدْ زي ما حفظ الأحاديث والقرآن لا يجعلك مؤمنا عند الصوفي، فالشرط المحبة. والماعندو محبة ما عندو الحبة”؛ وثانيهما عبارة كتبتهما كذلك قبل فترة بسيطة في نفس الاتجاه، في فيسبوك، قلت فيها، “من المشاكل والتعقيدات، دلائل غياب توطّن المفاهيم بتاعة الديمقراطية والمؤسسية، وغيابها حتى عند جمعٍ من أصحاب الأقلام والأعلام (بما يشير لمسألة قيلت كثيرا في كتابات التاريخ والفلسفة: الفهم والاستيعاب عملية معقدة لا تأتي من الاطّلاع وحده ولا تأتي من الممارسة وحدها، بل وحتى المزيج بينهما قد لا يكون كافيا حسب الملابسات والاعتبارات الذاتية والموضوعية).”.… More

الشريكان المتربّصان، وخضم الثورة

[تم نشر هذه المداخلة، في الوسائط، في 29 أغسطس 2019، ونرى أنها إحدى المساهمات التي حاولت لفت النظر لأهمية قراءة عناصر التفاعل والاحتقان السياسي-اجتماعي حينها والتي كانت تستخلص مآلات المستقبل؛ ليس فقط من أجل انتظار تحقق تلك المآلات، إنما من أجل التهيّؤ لها حتى لا تأخذنا على حين غرّة.]
 
طرفا الاتفاق، كلاهما يتربّص للآخر.
[المقصود بالطرفين: قوى الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي، واللذين اتفقا على الشراكة في الحكم للفترة الانتقالية في السودان بعد أن أسقط الشعب السوداني نظام الحكم الذي ترأسه عمر البشير منذ يونيو 1989 حتى أبريل 2019، وقد كان ذلك الاتفاق باعتبار أن قوى الحرية والتغيير مفوضة من الجماهير لاستلام السلطة بينما المجلس العسكري كان في مجمله بقايا القيادات العسكرية التي ظلت بجانب البشير وشاركته جانبا كبيرا من مسؤولية الجرائم التي تمّت في عهده، ثم قاموا بتنفيذ ترتيبات عزله بعد أن صار جليّا أنه لن يستطيع الاستمرار وعيّنوا أنفسهم قادة جدد لملء فراغ الحكم.]
More