ليس من الثورةِ فَكاك

(إحدى المساهمات المختصرة حول الوضع الراهن في السودان. نُشِرت سابقا في صفحة الكاتب في فيسبوك، ثمّ عنونها أحد الأصدقاء بالعنوان أعلاه المأخوذ من النص نفسه)

ننطلق، في فهمنا للواقع السوداني الراهن، من نقطة ذكرناها سابقا، بوضوح وتكرار، وهي أن الاتفاق الذي تم بين المدعو المجلس العسكري الانتقالي (المعجا) وبين قوى الحرية والتغيير (قحت) كان التفافا على الثورة ومسيرتها الأصلية؛ بل يصح القول إنه كان سرقة لها، وهي سرقة تهيّأت عن طريق ضعف الأداء والتنظيم، وضعف الإيمان بالثورة، الذي سوّس موقف الجبهة العريضة التي أوكلها الثوّار مهمة تمثيلهم أمام السلطة الآيلة للسقوط.… More

صندوق سيادي بتمويل شعبي

(أسئلة التنمية الانتقالية ودور الجالية السودانية في الخارج)

أكرم الطرق، وأكثرها مشروعية واحتمال استدامة، للدول النامية كيما تحصّل موارد نقديّة تعينها في ميزانيتها على أداء واجباتها تجاه المواطنين: الضرائب (ثم الضرائب) على الأملاك والدخول بتفاوتاتها، وعوائد القطاع العام (حتى أعتى الدول الرأسمالية لديها شركات ضخمة تابعة للدولة وتشكّل أحد مصادر عائدات الدولة)، والمساهمات المباشرة من المواطنين (وهذه تتخذ عدة أوجه).

الصناديق السيادية إحدى أهم أدوات البلدان المعاصرة لدعم برامجها التنموية المحورية، والتي تحتاج لتمويل كبير وسلس.… More

الدوْر والميزان، ومايو والطائفية: الجمهوريون بين الوعي والسلطة

(1) الدوْر

للإنصاف، هنالك مسألة في تاريخ الحركة الجمهورية تقود إلى “شوشرة” بين الناس بخصوص تفسير بعض مواقف تلك الحركة في المجال العام. تلك المسألة هي أن الجمهوريين، في سني حركتهم الأولى، اختاروا الاستمرار في صورة حزب سياسي، أي التسجيل تنظيميا كحزب سياسي. وفي العادة، حين يرى عموم الناس أنهم ينظرون لتاريخ حزب فإنهم ينظرون لتحركاته ويحسبوها ”فعل كذا لماذا وتصرف هكذا لماذا” باعتبار أن وجهة الأحزاب عموما هي محاولة الوصول للسلطة السياسية في الدولة.… More

المأساة الأمريكية: نموذج لتناقضات المجتمع الحديث

(1)
الشعب الأمريكي فيه مجموعات وافراد كثيرون شجعان وأصحاب قيم. الحركة العالمية المعادية للامبريالية دائما تميّز بين الشعب الامريكي والسلطات الامريكية، وذلك احتراما للقيمة الكبيرة التي قدّمتها نضالات الجماعات والافراد الأمريكان رفاق القضايا الإنسانية، ومن الواضح أنها أنتجت إرثا كبيرا، أدبيّا ونضاليا، يغرف منه الناس حتى اليوم.

لكن هذا التمييز بين الشعوب والحكومات ليس الغرض منه تبرئة كل الشعوب، فالشعب الأمريكي مليء بمن تزكم عنصريّتهم وفظاظتهم وجشعهم الأنوف، وإن ظهروا أحيانا بمظاهر أنيقة ومتحضرة ولبقة (وأحيانا قيادية ونجوم إعلامية).… More

متى تثور الشعوب: السودان كحالة

الحشود بالخرطوم صباح 11 أبريل 2019، نهار سقوط عمر البشير الصورة: مسارب

“الخط البيانى فى اتجاه وعي الشعب باستمرار صاعد، ومن حسن التوفيق وعي الشعب صاعد ووعي القادة والحكومات نازل! لكن الخط البياني ده، ليصعد أكثر، بيحتاج فى بعض الأحيان أن يكون فى ضغط على الشعب من الحكومات. لكن الحكومات البتضغط على شعبها هى من الغفلة بمكان… السيل بِتجمّع خلف السدود قطرة، قطرة؛ الموية بتتجمع سرف؛ البيجاي للسد ما بِتصوّر بهناك فى حاجة حاصلة، لحدي ما الموية تبلغ حد بتشيل أو تجتاح السد وتجي ماشة
محمود محمد طه

“حين ننتفض ونثور، لا يعود سبب ذلك إلى وجهٍ ثقافي معيّن.

More

حول صراع الهامش والمركز في السودان: مقاربة موجزة

(مشاركة موجزة، ضمن نقاش جرى على صفحات فيسبوك، في منتصف 2018)

الدراسات والخلاصات الفكرية حول فهم العنصرية، في عصرنا الحديث، صارت عموما متوافقة على قضايا عامة، يمكن تلخيصها في الآتي:

أولا: العنصرية مطية سلطوية، أي أنها تعبّر عن نفسها بالأصالة عن طريق السلطة ومؤسسات السلطة، وأحيانا بالحوالة فقط عن طريق العلاقات الاجتماعية القحة. بطبيعة الحال هنالك حالات من تنافر بعض الفئات وفق خلفياتهم الإثنية، أو الزعل التاريخي، لكن هذه لا ترقى لمرحلة العنصرية إلا حين تكون هنالك ممارسة واضحة للتسلط والقهر من فئات على فئات أخرى.… More

النضالُ الأسود، بين فلسطين وإفريقيا وأمريكا اللاتينية – (بقلم سوزان أبو الهوى*)

(ترجمة: قصي همرور؛ نشرته مجلة البعيد الالكترونية، 2 سبتمبر 2016)

[مذكرة من المترجم: مقال سوزان أدناه يتبنى مصطلحات “النضال الأسود” و”القوة السوداء” وحالة “السواد” عموما وفق اصطلاح الحركة السوداء، وهي حركة ظهرت وتأسست في ستينات وسبعينات القرن المنصرم لتكون هوية شاملة لحركة نضال عامة الشعوب التي تنتمي للإثنيات المقهورة ضد الهيمنة البيضاء، أي ضد هيمنة الجماعات الأوروبية وسلالاتها في عهد الاستعمار وما بعد الاستعمار، في جميع العالم؛ فليس مصطلح الحركة السوداء في أساسه مختص بحركات الشعوب الزنجية فقط – وإن كانوا من ابتدعوه – أي أن التعريف الاصطلاحي غير مرتبط بلون البشرة مباشرة وحصريّا].More

عبث الهجرة إلى الشمال

الواقع الموضوعي هو أن الأغلبية العظمى من بلدان العالم المعاصر وحكوماته لا تشجع الهجرة المكثقة لأراضيها. أيضا في معظمها تتصاعد ثقافة استنكار ونفور من المهاجرين كلما زادت أعدادهم أو وتيرة قدومهم. أيضا في معظم هذه البلدان لا تمانع الحكومات المحافظة والحركات الشعبوية إلقاء اللوم على المهاجرين في حالات التوترات السياسية والاقتصادية، وفي حالات كثيرة تحصل ترتيبات حكومية تحاول رفع كلفة الإقامة والمعيشة على أولئك المهاجرين وجعل استمرار بقائهم أمرا صعبا ومرهقا لهم عموما.… More