التنمية والتحرر، والحركة الافروعومية

صدر كتيّب “التنمية والتحرر، والحركة الافروعمومية” (حوالي 95 صفحة، بما فيها مقدمة الناشر وقائمة المراجع)، عن  مؤسسة الحداثة، ضمن سلسة القراءة من أجل التغيير (رقم 95) لمشروع الفكر الديمقراطي، 2022. كان جاهزا منذ بدايات هذا العام، بيد أن الأوضاع العامة كان لها أثر في تأخر نشره. ولعل في ذلك خير، إذ أن المناخ الآن أكثر ملاءمة لتناول محتواه.

الكتيّب في أصله عبارة عن ورقة درسية (scholarly paper)، أو دراسة، مطوّلة، تتبّع رباط التنمية والتحرر في الحركة الافروعمومية، منذ كتابات دوبويز عن الحركة وعن الاقتصاد التعاوني وعن مقاصد التنمية، منذ بدايات القرن العشرين وحتى منتصفه، وحتى مساهمات نيريري الفكرية والإدارية في الربط بين التنمية والحرية منذ ستينات القرن وحتى التسعينات.More

بين صفوة التعليم الاستعماري وتصفية الاستعمار

عبر مراجعة عامة وسريعة لحركات التحرر الوطني، وحركات مناهضة الاستعمار، في القرن العشرين بالذات (مع وجود حالات من القرن التاسع عشر وحالات متنامية من القرن الحادي والعشرين)، سنجد أن معظم روّاد وقيادات تلك الحركات – القيادات التنظيمية والميدانية والفكرية، وكذلك الكوادر الاستراتيجية – هم من أهل المستعمرات الذين تلقّوا تعليما وتدريبا غربيّا (أي تعليما استعماريا)، سواء أكان ذلك عن طريق الحصول على فرصة للسفر خارج بلدانهم للدراسة في عواصم الاستعمار (في أوروبا وأمريكا الشمالية) أو عن طريق الدراسة في بلدانهم في منشآت تعليم استعماري عالي كان هدفها الأساسي – أي هدف تلك المنشآت التعليمية الاستعمارية – إنتاج “أفندية” يعينون الطاقم الاستعماري، الإداري والفني، على أشغالهم بصورة أفضل.
More

عسكرة الدولة، عسكرة الحياة

المؤسسة العسكرية المعاصرة وليدة الدولة العصرية (أو ما جرت العادة بتسميتها بالدولة الحديثة). قبل الدولة العصرية لم تكن هنالك مؤسسة عسكرية بهذه الصورة من الهيكلة الموازية لهياكل السلطة الأخرى في الدولة.

ولم يصبح وضع المؤسسة العسكرية بهذه الطريقة إلا باعتبار أنها حامية السيادة والسلطات في الدولة، أي ليس باعتبارها إحدى السلطات الشرعية بذاتها. لذلك فإن الدولة العصرية تعترف بسلطات ثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولا تقول بوجود “السلطة العسكرية”.… More

المأساة الأمريكية: نموذج لتناقضات المجتمع الحديث

(1)
الشعب الأمريكي فيه مجموعات وافراد كثيرون شجعان وأصحاب قيم. الحركة العالمية المعادية للامبريالية دائما تميّز بين الشعب الامريكي والسلطات الامريكية، وذلك احتراما للقيمة الكبيرة التي قدّمتها نضالات الجماعات والافراد الأمريكان رفاق القضايا الإنسانية، ومن الواضح أنها أنتجت إرثا كبيرا، أدبيّا ونضاليا، يغرف منه الناس حتى اليوم.

لكن هذا التمييز بين الشعوب والحكومات ليس الغرض منه تبرئة كل الشعوب، فالشعب الأمريكي مليء بمن تزكم عنصريّتهم وفظاظتهم وجشعهم الأنوف، وإن ظهروا أحيانا بمظاهر أنيقة ومتحضرة ولبقة (وأحيانا قيادية ونجوم إعلامية).… More

هل كان الاستعمار سيئا حقا؟

أعلم أن السودانيين ليسوا وحدهم الذين نجد بينهم من يتساءلون: هل كان زمان الاستعمار سيئا حقا، مقارنة بواقعنا الحالي بعد عقود من الاستقلال السياسي؟ بخصوص هذا التساؤل العام ليس السودانيون نسيج وحدهم من ناحيتين: الأولى أنهم ليسوا الشعب الوحيد الذي خرج مؤخرا – أي قبل بضعة عقود – من حقبة استعمار مباشر؛ والثانية أن مثل هذا التساؤل، بتجلياته المتنوعة، يصدر عن أكثر من فئة واحدة من فئات الشعب الواحد.… More