تحسين قدرات خريجي الهندسة عبر الانتدابات الصناعية (تقرير)

صدور التقرير العام لأحد أهم المشاريع البحثية التي اشتغلنا عليها في السنوات الماضية (مع ستيبرو STIPRO–منظمة بحوث سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار): “تحسين قدرات خريجي الهندسة عبر الانتدابات الصناعية للطلبة”، والذي يتناول مشروعا بحثيا استمر بين 2019 و2022 حول طرق معالجة المشكلة المزدوجة في افريقيا: النقص الكمي لممارسي الهندسة – عن الكم المطلوب لأعمال التنمية – مع ضعف فرص العمل الهندسي لخريجي الهندسة الحاليين.

يتناول المشروع هذه المشكلة بطريقة مختلفة عن المألوف، بمقاربة نوعية (qualitative) واستقصائية ميدانية، أي لم تستند إلى مقاربة كمية وأدوات إحصائية (ولكن استعانت بمعلومات وبيانات كمية/إحصائية مسبقة) إنما حاولت النظر في المشكلة من باب النظر في ما يسمى النظام الايكولوجي للهندسة (engineering ecosystem) وفهمه بالطريقة التي تجعل هنالك فرص للتدخل في النظام عبر مناطق مختارة لتحدث تغييرا في مجمل النظام (leverage points) وبينما تناول المشروع الوضع في افريقيا إجمالا، تناول شرق افريقيا كدراسة حالة: تنزانيا، ورواندا، ويوغندا، وكينيا.

[للاطلاع على النسخة الالكترونية، يمكن الضغط هنا]


هو أول مشروع كبير يتولى المرء قيادته، من خطوات التفكير في الأطروحة، وتصميمها وتقديمها، ثم المرور بعملية المنافسة مع أطروحات بحثية متعددة (يقدمها عادة أساتذة جامعيون وباحثون بسنوات خبرة في المجال) والتحكيم بواسطة لجنة مستقلة من الأساتذة ذوي المساهمات الهامة في المجال من حول العالم، ثم خطوات التنفيذ (التي تشمل إدارة المشروع، وفريق المشروع، بجانبيه التنظيمي والبحثي)، ثم هضم جميع المستفاد من البحث الميداني والمكتبي ثم الكتابة والنشر الأكاديمي، وكذلك الكتابة لأوراق السياسات، وتلخيص المستفاد وتوزيعه ومناقشته مع ذوي الشأن (في الأكاديميا وفي المجالات الهندسية وفي دوائر صنع السياسات). كانت رحلة عجيبة، مليئة بالتحديات. أولى تلك التحديات كانت أثناء مراجعة المشروع من قبل لجنة التحكيم، إذ أن الأطروحة نالت الاستحسان وفرصة المنافسة، لكن لم يكونوا واثقين – ولهم الحق في ذلك – أن مقدم الأطروحة يمكنه أن يقود مشروعا بحثيا كبيرا كهذا، بميزانية معتبرة، وهو متخرج حديثا من الدكتوراة، بينما المعتاد أن مثل هذه المشاريع يقودها أناس بخبرة أكبر، وبينما هنالك أعضاء في الفريق البحثي أكبر خبرة ورصيدا منه.

اشتمل الفريق البحثي على أساتذة جامعيين في الهندسة (من جامعة دار السلام ومن جامعة رواندا) وأصحاب مساهمات بحثية مسبقة في التعليم الهندسي، وباحثين كبار في سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار (مثل بترينا، زميلتنا وأستاذتنا، التي تجلس في مجالس استشارية وإدارية في وكالات وشبكات عالمية متعلقة بسياسات العلوم والتكنولوجيا–من لجان الاتحاد الافريقي، إلى صوت الجنوب وافريكالِكس، وحتى بنك التكنولوجيا الذي أسسته هيئة الأمم المتحدة مؤخرا). تم التعاون كذلك مع كوكبة من الأساتذة والباحثين في جامعات يوغندا وكينيا، ومع هيئات البحوث والابتكار التابعة للدول الأربع المذكورة آنفا. إضافة لهؤلاء، تمت كذلك مراجعة مخرجات التقرير ومناقشتها بواسطة أسماء ذات سلطة دولية (وليس على مستوى افريقيا فحسب) في التعليم الهندسي، مثل الدكتور غلام محمدباي، من موريشوس، أستاذ الهندسة المخضرم والباحث المعروف في قضايا التعليم الهندسي (والسكرتير العام الأسبق لاتحاد الجامعات الافريقية والرئيس الأسبق للرابطة الدولية للجامعات). موّل البحث مركز دراسات التنمية الدولية (IDRC) الكندي، ضمن مجموعة من 5 مشاريع مختارة تحت مظلة مبادرة سُميت بـ”تعزيز النظم الايكولوجية للهندسة في افريقيا”، غطّت شرق وغرب القارة.

وبطبيعة الحال، تبقى الآراء والخلاصات المبذولة في التقرير تعبّر فقط عن فريق البحث ومؤلفي التقرير، ولا تعبّر بالضرورة عن آراء ومواقف المذكورين آنفا، وهو الأمر المتعارف عليه (والمذكور في الصفحات الأولى من التقرير).

هنالك محاولة – بدأت قبل فترة – لتقديم تلخيص للتقرير باللغة العربية (بمجهود الأستاذة، المهندسة والباحثة، مزن النيل)، أرجو أن نتمكن من نشره قريبا. التقرير نفسه تأخر في الصدور (رغم الفراغ من كتابته ومراجعته منذ أبريل 2022) بسبب تعقيدات كانت سمة العام 2022، كما أنه صدر بتاريخ فبراير 2022، وهو تاريخ الانتهاء الرسمي للمشروع البحثي…. وللحديث شجون.


Sheikheldin, G., Mutambala, M., Diyamett, B. and Nyichomba, B. 2022. Improving Employability of Engineering Graduates Through Student Industrial Secondments: A Study in East Africa. Project report. Dar es Salaam: STIPRO

أضف تعليق