قصة الدين: المنبَتُ الأرض والمطمحُ السماء

الدين لغة يعني الجزاء،[1] وأصوله في التديّن البشري هو الاعتقاد الراسخ، المُجرَّب، بأن القانون الذي يحكم الكون – في حيّزه المرئي وما وراء ذلك – مؤسس على أن الكائن الحي ليس في حلّ أن يفعل ما يشاء بدون عواقب، بمعنى أن هناك قانون “معاوضة” عام يقول بأن أفعال المرء لها نتائج، بقدر حُسنها تعود عليه بحسن، وبقدر سوئها تعود عليه بسوء؛ أي أن الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر، كقاعدة عامة (كما قانون الحركة النيوتوني “لكل فعل رد فعل..”).… More

حول السدود والتنمية، والسودان

الغرض من الملخص أدناه هو تسليح عموم القراء، غير المتخصصين، بعدة المعارف والمعلومات الأساسية المتعلقة بالسدود والتنمية، عموما. بعدها ننتقل للحديث بعدسة أكبر عن السودان خصوصا. سنراعي أن يكون بسيطا ولا يطول أكثر من الحاجة، ونرجو النجاح في ذلك. وكملخص فهو اختزال لما هو موجود مسبقا من كتابات مطوّلة حول موضوع السدود لا تحتاج للإعادة بقدر ما تحتاج لتسليط الضوء، وربما بعض الترجمة، فمشكلة الكتابة عن السدود، بالتفاصيل الفنية والاقتصادية والبيئية، أن مكتبتها عامرة ومتاحة، لكن ليس باللغة العربية، حتى الآن.… More

النضالُ الأسود، بين فلسطين وإفريقيا وأمريكا اللاتينية – (بقلم سوزان أبو الهوى*)

(ترجمة: قصي همرور؛ نشرته مجلة البعيد الالكترونية، 2 سبتمبر 2016)

[مذكرة من المترجم: مقال سوزان أدناه يتبنى مصطلحات “النضال الأسود” و”القوة السوداء” وحالة “السواد” عموما وفق اصطلاح الحركة السوداء، وهي حركة ظهرت وتأسست في ستينات وسبعينات القرن المنصرم لتكون هوية شاملة لحركة نضال عامة الشعوب التي تنتمي للإثنيات المقهورة ضد الهيمنة البيضاء، أي ضد هيمنة الجماعات الأوروبية وسلالاتها في عهد الاستعمار وما بعد الاستعمار، في جميع العالم؛ فليس مصطلح الحركة السوداء في أساسه مختص بحركات الشعوب الزنجية فقط – وإن كانوا من ابتدعوه – أي أن التعريف الاصطلاحي غير مرتبط بلون البشرة مباشرة وحصريّا].More

عبث الهجرة إلى الشمال

الواقع الموضوعي هو أن الأغلبية العظمى من بلدان العالم المعاصر وحكوماته لا تشجع الهجرة المكثقة لأراضيها. أيضا في معظمها تتصاعد ثقافة استنكار ونفور من المهاجرين كلما زادت أعدادهم أو وتيرة قدومهم. أيضا في معظم هذه البلدان لا تمانع الحكومات المحافظة والحركات الشعبوية إلقاء اللوم على المهاجرين في حالات التوترات السياسية والاقتصادية، وفي حالات كثيرة تحصل ترتيبات حكومية تحاول رفع كلفة الإقامة والمعيشة على أولئك المهاجرين وجعل استمرار بقائهم أمرا صعبا ومرهقا لهم عموما.… More

ملاحظات زائر لكوبا

أعترف أن زيارتي لكوبا، والتي راودتني منذ سنوات، كانت لأغراض أيدولوجية/مذهبية في أصلها. صحيح أني أحببت أيضا الاستمتاع بمشاهدة جوانبها المتميزة وتشرب شوارعها ومبانيها وجمال أرضها وأهلها، كما كنت سعيد حظٍّ بمعية عزيزة وقريبة لي فيها، وأنا الغريب كثيرا عليها، إلا أن مصدر استثماري للطاقة والزمن والموارد من أجل هذه تلك الزيارة هو أني أردت لها أن تكون رحلة تعليمية لا ترفيهية.

أردت أن أرى بعينيّ بلدا بنظام اشتراكي واضح المعالم والإنجازات في ذلك المجال، وذلك لأني، كشخص أنتمي مذهبيا لرحاب الاشتراكية بدون تردد، أردت أن أرى بصيصا منها على أرض الواقع.… More

ازدهار القطاع الخدمي: واحة أم سراب؟


مجموعة مقدّرة من بلدان افريقيا اليوم تشهد نموا اقتصاديا ملحوظا بسبب انتعاش قطاع الخدمات فيها. أعنى أن هنالك ارتفاعا مشهودا في معدلات نموها السنوية، لدرجة أن بعضها صارت تتحلى بألقاب “معجزات نمو” شبيهة، لحد ما، بتلك الألقاب التي حاولت وصف الازدهار الاقتصادي الكبير الذي مرت به النمور الآسيوية في فترات تحولاتها الكبيرة في العقود الماضية.

القطاع الخدمي الذي نعنيه هنا هو ذلك الذي يحوي خدمات الاتصالات، وتجارة السلع المستوردة والكماليات، والخدمات المصرفية، والأمنية الخاصة، والخدمات الإعلامية والبرمجية (إعلانات وتصميم)، والسوق العقاري، وشغل المنظمات الخيرية، وطبعا خدمات الترفيه والمطاعم والضيافة.… More

التكنولوجيا والتعليم: بعض البديهة

من كتاب (السلطة الخامسة: من أين تأتي التكنولوجيا)

في المجتمعات النامية، الما بعد استعمارية، إذا قلنا إن التعليم النظامي يجب أن يكون موجّها وجهة التنمية، فتكون فلسفته في تأهيل موارد بشرية مقتدرة على رفد عجلة التنمية في البلاد، وبفهم جيد لسياق مجتمعاتهم وبيئتها، فلن يعترض أحد على هذا الكلام نظريا. وإذا قلنا إن نظام التعليم ومناهج التعليم الموروثة من العهد الاستعماري إنما صُمّمت لخدمة مصالح المستعمر وأهدافه الاستراتيجية للمستعمَرات، وبالتالي فإنه نظام يحتاج لإعادة نظر شاملة حتى تكون عندنا فلسفة تعليم وخطة تعليم متسقة مع أهدافنا التنموية كشعوب مستقلة، سيكون من غير المحتمل أيضا أن يعلن أحد مخالفتك الرأي.… More

هل كان الاستعمار سيئا حقا؟

أعلم أن السودانيين ليسوا وحدهم الذين نجد بينهم من يتساءلون: هل كان زمان الاستعمار سيئا حقا، مقارنة بواقعنا الحالي بعد عقود من الاستقلال السياسي؟ بخصوص هذا التساؤل العام ليس السودانيون نسيج وحدهم من ناحيتين: الأولى أنهم ليسوا الشعب الوحيد الذي خرج مؤخرا – أي قبل بضعة عقود – من حقبة استعمار مباشر؛ والثانية أن مثل هذا التساؤل، بتجلياته المتنوعة، يصدر عن أكثر من فئة واحدة من فئات الشعب الواحد.… More