المأساة الأمريكية: نموذج لتناقضات المجتمع الحديث

(1)
الشعب الأمريكي فيه مجموعات وافراد كثيرون شجعان وأصحاب قيم. الحركة العالمية المعادية للامبريالية دائما تميّز بين الشعب الامريكي والسلطات الامريكية، وذلك احتراما للقيمة الكبيرة التي قدّمتها نضالات الجماعات والافراد الأمريكان رفاق القضايا الإنسانية، ومن الواضح أنها أنتجت إرثا كبيرا، أدبيّا ونضاليا، يغرف منه الناس حتى اليوم.

لكن هذا التمييز بين الشعوب والحكومات ليس الغرض منه تبرئة كل الشعوب، فالشعب الأمريكي مليء بمن تزكم عنصريّتهم وفظاظتهم وجشعهم الأنوف، وإن ظهروا أحيانا بمظاهر أنيقة ومتحضرة ولبقة (وأحيانا قيادية ونجوم إعلامية).… More

حول صحة التاريخ الحضاري لشعوب السودان

شعوب السودان فعلا لها تاريخ حضاري عتيد، ومؤشرات هذا الأمر ماثلة بيننا حاليا لمن يراها (بجانب التاريخ المدوّن والمرصود)، لكنّا عادة ما نقرأ هذه المؤشرات قراءة عكسية، ولنا في ذلك بعض العذر لأنها ليست “براهين مباشرة” إنما “براهين مشفّرة”، لا تُقرأ إلا عبر شاشة (نظرية) تاريخية.
 
نحن حاليا، في السودان، في أسفل سلّم التحضّر الاجتماعي البشري [والتحضّر غير التمدّن، وبينهما تواصل، وهذا موضوع آخر]، وربما لا يفصل بيننا وبين القاع الحضاري سوى خطوات، ومعظم مجتمعات العالم إما مثلنا أو أمامنا، لكن من هم خلفنا قلة لا تكاد تُذكر.
More

مانديلا: القصة الواقعية أجدى من الأسطورة

Nelson Mandela

ليست المشكلة أن يبالغ البعض في تعظيم مانديلا، فحب الناس مذاهب ولا يجوز أن يتسلط بعضنا على مشاعر البعض.. هذا علاوة على أن مانديلا فعلا إنسان جدير بالاحترام، وهو عموما نموذج طيب للمناضل الافريقي الملتزم.. لكن المشكلة هي الاستمرار في الترويج لنسخة غير صحيحة من التاريخ، فقط من أجل إبراز مانديلا كأسطورة فائقة، وكقصة نجاح نضالي كاملة مكتملة.

من المهم توضيح الآتي:

(1)
مانديلا لم يكن قائدا للمقاومة السلمية في أزانيا (جنوب افريقيا)، ولم يكن هو مؤسس المؤتمر الوطني الافريقي..… More

الحزام السوداني.. نحو افريقيا

لم يتسن لي الاطلاع على كتاب “الحزام السوداني” الصادر عام 2005 عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي، لصاحبه عبدالهادي الصديق، إلا أواخر العام الماضي، وبلغني بعدها بقليل خبر انتقال الكاتب عن دنيانا، فحزنت لكوني لم أسمع بمفكر معاصر مثله إلا بعد وفاته.. لا علم لي أيضا بحجم ما أثاره الكتاب في الساحة الثقافية السودانية، بيد ان عدم لمسي لهذه الإثارة، وسط الساحات التي أتابعها، لمؤشر لأن الكتاب لم ينل ما يستحقه من الحفاوة اليوم.… More

ما هي الهوية الإثنية؟

لعل مصطلح “الهوية” من أوسع المصطلحات سديما، بل ويصح أن يقال ان لكل فرد في الأرض “هويات” متنوعة، تظهر وتتوارى حسب الموقف الذي يستدعيها، وهذه نقطة من نقاط الحوار المأمول.. بيد أن “الهوية” حين نسمعها اليوم، في سياقنا التاريخي المعاصر، وكسودانيين، فعادة ما نلتفت لقضية الهوية الإثنية التي يستدعيها وجودنا كسودانيين اليوم وما لانعكاسات هذه الهوية على واقعنا المعاصر في السودان وخارجه.

أعتقد أن تركيزنا على الهوية الإثنية له ما يبرره اليوم..… More

عن بيكو ورودني وفانون، والعنصرية

أدناه أقدم نبذات مختصرة عن ستيف بيكو ووالتر رودني وفرانز فانون.. ثلاثتهم من رموز حركة عموم افريقيا (pan-African movement) ومن رموز مقاومة الاضطهاد العنصري.. المختصرات تتحدث عن حياة كل واحد من هؤلاء إضافة لملخصات عن إنتاجهم الفكري.. يمكن للقارئ أن يتابع التشابهات بين إنتاجهم، ورفدهم جميعا لموضوع مقاومة الاضطهاد العنصري.. فإلى المختصرات:
 
في البداية أسرد سيرا مختصرة عن حياة كل واحد منهم، تعين القارئ على المقاربة الشخصية، ومن ثم أسرد مختصرات للطروحات الفكرية وميراث العمل العام لكل واحد منهم: 

سير مختصرة

فرانز فانون (Frantz Fanon)
 (انتقل 1961 وعمره 36 عاما) 
من مواليد مارتنيك، إحدى جزر الكاريبي التي استعمرتها فرنسا، من أسرة ذات أصول افريقية زنجية..… More

منصور خالد: بانثاو (هجليج) تابعة للجنوب؟

(النص أدناه مقتبس من كتاب الدكتور منصور خالد: “السودان: أهوال الحرب وطموحات السلام.. قصة بلدين”، صدر في 2003 عن دار تراث، لندن.. الصفحات من 340 إلى 343.)

أما حول البترول، فقد نشرت الجمعية الفابية البريطانية عام 1947م ورقة حول السودان، وكأنها كانت تقرأ المستقبل في كرة بلورية. تقول الورقة ان فقدان الشمال للإقليم الجنوبي سيكون مسألة قلق إلى حد ما، ولكن ثمة خوفا من أن تظهر في الجنوب ثروة تضمن استقلال السودان بأكمله.… More