الصفوة السودانية وإدمان الصفوية

في الأيام الماضية، تناقلت الوسائط السودانية، وتناولت، بعض القصص المتنوعة التي تضمنت عددا من الشخصيات السياسية والثقافية المعروفة، تضمنت التقاط صور فوتوغرافية تجمع أحد العساكر أعضاء انقلاب 25 اكتوبر 2021 مع أحد الذين انقلبوا عليهم من الحكومة الانتقالية، إذ زار الأوّل الثاني، وعلى وجوههم المودة والبشاشة؛ كما تضمنت أحاديث عن لقاءات ومبادرات مغلقة، خارج التغطية الإعلامية وخارج السودان، يؤمها نفرٌ مختارون ويهدفون للخروج بتوصيفات وحلول للمأزق السوداني الراهن؛ كما تضمنت أحاديث عن مبادرات ومحاولات تسوية مع سلطة الانقلاب تخوضها جهات سياسية عبر وساطات خارجية، كيما تقدّم المخرجات لاحقا للشعب بعد اكتمال الصورة؛ كما جاءت هذه القصص وسط سطوة إعلامية لأخبار النقابات المهنية (professional associations) على حساب النقابات العمالية (labour unions) والتي لا تكاد تجد اهتماما ملموسا من الإعلام ومن المبادرات آنفة الذكر.More

التنمية والديمقراطية والفقر والجوع: مراجعات واقعية

في كتاب “ممكنات السودان” (2021، جوبا) تحدثنا بصورة عابرة عن النقاش الدائر وسط دراسات “الدمقرطة والتنمية” (democratization and development) – وذلك في إطار المحاججة بأن نجاح الديمقراطية في السودان يتطلب مواقف تنموية واضحة ومباشرة وذات أثر ملموس على مستوى الدولة (ولذلك قلنا إننا ندفع بنموذج الدولة التنموية)، وفي ذلك الحديث قلنا إننا نعتبر الوجهة التنموية شرطا لنجاح الديمقراطية وفق ما تفيدنا به الدراسات في البلدان الأخرى التي يمكن أن نستفيد من تجاربها.More

لماذا نستثمر في افريقيا

القارة الافريقية تغطي 20% من سطح الكوكب (اليابسة)، وهي مكان حياة 1.4 بليون بشري–والراجح أن يبلغوا 2.5 بليون مع بلوغ سنة 2050. لدى افريقيا 60% من مجمل ما في الكوكب من أراضي صالحة للزراعة لم تُحرَث بعد؛ كما بها حوالي 30% من مجمل مخزون الكوكب من المعادن، ذلك بجانب الكثير من الغابات الغنية والمهمة (ليس كموارد تنموية فحسب وإنما للتوازن البيئي على الكوكب كله كذلك).… More

الابستمولوجيا الاجتماعية للعلوم…. ماذا؟

في بدايات عصر ظهور المناهج العلمية الحديثة (أي ظهور تطبيقاتها وظهور الكتابة عنها بصورة قصدية ومرتبة)، منذ جاليليو وإلى ديكارت، ثم إلى نيوتن وليبينز، إلخ، كان العالِم عادة ما يكون فردا، لديه ضمانات وموارد اقتصادية كافية ووقت كافي ليوظف وقته للبحث العلمي (التجريب والتنظير)، في معمله ومساحته الخاصة (مثل مكتبته الكبيرة الخاصة). وهذا أيضا كان الحال، لدرجة من الدرجات، منذ أيام الخوارزمي وابن سينا وجابر ابن حيّان، وآخرون من حضارات وأرجاء متعددة. More

الخيال العلمي، وهموم البشرية

لعل أُفنون الخيال العلمي (science fiction) أكثر أفنون مهموم بمستقبل البشرية وبحاضرها، وذلك ليس على مستوى التكنولوجيا والعلوم فحسب – كما يتصوّر الذين ينظرون للأفنون من البُعد – بل على مستوى تنظيم المجتمعات وتشكّل القيم والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كذلك، بل أكثر من ذلك: على مستوى تعرّف الكائن البشري على نفسه أكثر، داخليّا، إما عن طريق اختبار نفسه وتمحيصها مع الزمن أكثر أو عن طريق اختلاطه بأشكال حياة متعددة في الكون الفسيح بحيث تكون مرآة له ولخواصه، بحيث تتمدد عنده مساحات “الإنسانية” وتتجاوز خصائص “البشرية”.More

أبناء الثقافة الثالثة، والوطنية

نحن أبناء الثقافة الثالثة* من الأيسر علينا أن نكون منفتحين على العالم [لكن ذلك لا يعني أن جميعنا كذلك، أو أن غيرنا بالضرورة ليس كذلك]. لقد ترعرعنا ونحن نتعرّض لسرديات وممارسات ثقافية متعددة المصادر، سواء أكان في ما نرى وما نسمع في واقعنا، أو ما نقرأ من كتابات وما نستهلك من فنون (موسيقى وفولكلور وغيرها) وما نشاهد من صوتمرئيات، وسواء أكان في تنوّع الخلفيات الثقافية لمن هم في دائرة أصدقائنا المقربين (خاصة أصدقاء طفولتنا) وجيراننا وزملائنا، أو في تنوّع اللغات التي ترعرعنا وفقها وصرنا نفكّر بها (على تفاوت بيننا في ذلك وحسب تجاربنا الجغرافية).More

بين صفوة التعليم الاستعماري وتصفية الاستعمار

عبر مراجعة عامة وسريعة لحركات التحرر الوطني، وحركات مناهضة الاستعمار، في القرن العشرين بالذات (مع وجود حالات من القرن التاسع عشر وحالات متنامية من القرن الحادي والعشرين)، سنجد أن معظم روّاد وقيادات تلك الحركات – القيادات التنظيمية والميدانية والفكرية، وكذلك الكوادر الاستراتيجية – هم من أهل المستعمرات الذين تلقّوا تعليما وتدريبا غربيّا (أي تعليما استعماريا)، سواء أكان ذلك عن طريق الحصول على فرصة للسفر خارج بلدانهم للدراسة في عواصم الاستعمار (في أوروبا وأمريكا الشمالية) أو عن طريق الدراسة في بلدانهم في منشآت تعليم استعماري عالي كان هدفها الأساسي – أي هدف تلك المنشآت التعليمية الاستعمارية – إنتاج “أفندية” يعينون الطاقم الاستعماري، الإداري والفني، على أشغالهم بصورة أفضل.
More

في يوم المعلم: شكرا نونيتا ياب

في يوم المعلم (5 أكتوبر)، أرسل سامي التحايا وفروض الاحترام إلى نونيتا ياب (Nonita Yap)، حيثما كانت وكيفما كانت.
——–

في كتابي الانكليزي (Liberation and Technology, 2018) وجّهتُ صوت شكر لثلاثة أشخاص فقط في حياتي الأكاديمية: جون ديفلن، ونونيتا ياب، وقيل كرانسبيرق. ذلك لكونهم أكثر ثلاثة أرشدوني في حياتي الأكاديمية نحو توسعة معارفي وتطوير حرفة الدراسة (scholarship) عندي.

في أكتوبر ٢٠١٨، بلغني أن نونيتا ماتت، قبل بضعة أشهر، جراء سكتة.… More