السياسة لغةً تعني تدبير وتصريف أمور الناس، وذلك وفق رعاية مصالحهم. أمّا ممارسةً فهي في واقعنا المعاصر يُفهَم أنها تشير إلى ممارسات ممنهجة واستراتيجية وفق قيم وأهداف، ووفق موازنات لمطامح وقوى متداخلة وذات مشروعية، على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. وفق ذلك فأن يسوس المرء أمور الناس تعني أن يدبّرها ويصرّفها وفق منهجية ووفق رؤية تضع مصالحهم نصب العين؛ فالبداية تكون في التعاطف مع أولئك الناس والانحياز لهم، كمنطلق للسياسة، ثم تأتي الممارسة المنهجية والاستراتيجية لتحقق قيمة ذلك التعاطف والانحياز.… More
مدونة
مدونة سرادق
الحداثة المفتوحة كوسيلة للتقدم
كلما اقتربتُ أكثر من دوائر الجدل الكبير الجاري بين ناس ‘الحداثة’ وناس ‘ما بعد الحداثة’، في مجتمعاتنا في الجنوب، تقلقني بديهة أن مجتمعاتنا تلك لا تملك مفاتيح أي منهما، ولا تملك شروط ‘التحديث’ التي تهيء لنا أن نتعامل مع أسئلة هذا الجدل إلا كظلال للشمال–وأنا متأكد أن هذه البديهة تشغل الكثيرين من المنخرطين في هذا الجدل، لكن ربما نحتاج للمزيد من الاشتغال بها حتى نبتكر طرقا مختلفة للتفكير في جملة هذا الأمر.… More
عن القيادة وعن التنظيم
ما زال بعضنا يعرّفون القيادة، ويفهمونها، بتصدّر المشهد، في الحركة أو المشروع أو الجموع، إلخ. وتصدّر المشهد يعني ان يكون البعض هم ‘وجه’ الجموع، وصوتها، ومحرّكي القرارات فيها؛ فكأن هنالك تداخلا عاليا بين هويّتهم كأفراد وبين الهوية العامة لتلك الجموع. وربما في التاريخ كان هذا الشكل من القيادة مبررا، في سياقات مفهومة، وربما يكون مبررا أحيانا حتى في بعض الحالات المعاصرة—كحالات المدارس الفكرية الجديدة، وربما بعض المشاريع ذات الطابع المتشكل بمبادرة فردية متميزة، إلخ.… More
مرة أخرى: من الحشد إلى التنظيم
‘من الحشد إلى التنظيم’ كانت في القاطرة الأولى.
و’من الحشد إلى التنظيم’ كانت حاضرة في كل مقطورات العملية التاريخية المؤلمة، المسماة الحراك الثوري، عبر المراحل والامتحانات الشتى. و’من الحشد إلى التنظيم’ ستظل تذكرة حضور إحراز التحول الاجتماعي والسياسي، والاقتصادي-التكنولوجي، لقوى المستقبل. فالتنظيم لا يستعاض عنه إلا من جنسه، بزيادة، على مرّ التاريخ.
ومسار التنظيم في مجمله يمتاز كل مرة عن مسار الحشد. لأن الكثيرين منّا يخلطون بين الحشد وأدواته المؤقتة وبين التنظيم وشروطه الساعية للاستدامة والتراكم.… More
حول دور المنظمات غير الحكومية الدولية وشريكاتها المحلية
التكنولوجيا ومفترق الطرق: حالة الذكاء الاصطناعي
أحيانا يكون القلق نتيجة لقلة المعرفة أو الإلمام بالمسألة مصدر القلق، (باختصار، الجهل يمكن أن يولّد الخوف). لذلك نجد أحيانا أن جمهور الناس ربما يكونوا في حالة خوف من مسألة ما بينما الخبراء في تلك المسألة أقل قلقا وخوفا–على سبيل المثال، نجد أن قلق الجمهور تجاه الطاقة النووية – وربطها تلقائيا بالكوارث – يقابله مستوى مختلف من خبراء الطاقة، إذ في جملتهم يرون في الطاقة النووية وأبحاث الطاقة النووية البديل المرشّح الأكبر لطاقة الأحفوريات (البترول والفحم والغاز الطبيعي) بالنسبة للحضارة الكوكبية المدمنة على الطاقة ويزيد إدمانها عليها كل يوم–فكأن المسألة هنا مقلوبة: الخبراء أكثر قلقا بخصوص عواقب ومستقبل الطاقة الأحفورية، وأكثر تفاؤلا بمستقبل الطاقة النووية (بشقيها–الانفلاق والاندماج) إذ أن إلمام الخبراء بتطور التكنولوجيا واحتواء التفاعل، وتزايد الحاجة لمصادر طاقة أكثر توفّرا وأعلى إنتاجا، يجعلهم في جانب مختلف من الجماهير المتأثرة جدا حتى اليوم بالإشارات العامة – التاريخية – التي تنطلق في أذهانهم عند ذكر الطاقة النووية (ويزيد الإعلام الجماهيري من ترويج تلك الإشارات)، وهي إشارات في مجملها متعلّقة بقرار استعمال التكنولوجيا وليس التكنولوجيا نفسها (كما سنرى المزيد أدناه).… More
لعنة اليمَن: دَيْنٌ على الثورة السودانية
بين كل فترة والأخرى، أتذكّر أننا في شهور عنفوان الحراك الثوري، في بدايات 2019 وإصرار الجموع الثائرة، ومن ساندها، على المواصلة، مهما كان الأمر، من أجل مستقبل أفضل أصبح الناس أكثر جرأة على التفكير فيه وفي إمكانياته، بعد سنوات صار فيها سقف التفكير والطموح العام متدنيا…. أتذكر أننا في تلك الأيام انتبهنا انتباها جيدا لكون الشعب اليمني يعيش حالات بؤس وكوارث وأن ذلك من أثر عدوان غير مبرر وغير مشروع يشارك فيه جنود سودانيون (وأولئك الجنود كانوا من القوات المسلحة ومن الدعم السريع معا).… More
في مناسبة ذكرى تأسيسها الـ120: جامعة (حداثة) الخرطوم
ننظر لجامعة الخرطوم (وكلية غردون) باعتبارها المؤسسة التعليمية الكبرى في السودان الاستعماري وما بعد الاستعماري، فهي المؤسسة التي مرّ عبرها عدد كبير من الأفندية المحليين (أو البرجوازية الصغيرة) – ومعلوم ان أغراض الاستعمار من تأسيس مثل هذه الصروح التعليمية كان تهيئة فئة أفندية تعين الحاكم المستعمر في شؤون إدارة دولة الاستعمار وترساناتها، لكن الأمور لم تمض بالتحديد كما شاء لها المستعمر، كما أوضح والتر رودني في كتابه “كيف قوّضت أوروبا نماء افريقيا” (1972) الذي كتبه ونشره بينما كان أستاذا في جامعة دار السلام – ثم إن هؤلاء الافندية خرج منهم أناس خدموا البلد خدمات جليلة وحاولوا ما بوسعهم ان يرتقوا بأرضهم وشعبهم، وخرج منهم كذلك أناس أضرّوا بمسيرة البلد ضررا كبيرا.… More